يفتح الكاتب آر كلارك كوبر المشهد على لحظة سياسية حساسة تشكّلت منذ توقيع اتفاقيات أبراهام عام 2020، حيث تتزايد احتمالات تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل وسط آمال بحل الدولتين بعد وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل وحماس ضمن خطة سلام تقودها الولايات المتحدة لغزة. يشير الكاتب إلى أن بيان وزارة الخارجية السعودية الداعم لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب يرى فيها مسارًا نحو “سلام شامل وعادل”، مع التعويل على مصالحة إقليمية وإعادة إعمار غزة لفتح صفحة تعاون جديدة تؤسس لأمن وازدهار مشتركين، بشرط ألا يتحول المشهد إلى سراب دبلوماسي يفتقر إلى المضمون.
تضع أتلانتيك كاونسل الإطار التحليلي للنص، فتقرأ التطورات بوصفها فرصة لتعزيز التعاون الدفاعي بين واشنطن والرياض، بالتوازي مع زيارة ولي العهد محمد بن سلمان إلى العاصمة الأميركية للمرة الأولى منذ 2018، ورغبة الإدارة الأميركية في ضم السعودية إلى مسار اتفاقات إبراهام وإبرام ميثاق دفاعي يوسّع الوصول الأميركي للأراضي والأجواء السعودية مقابل دعم فني متواصل للقوات السعودية.
دبلوماسية الفرص وحدودها
يرصد التحليل حراكًا دبلوماسيًا يتجاوز التطبيع الرمزي إلى مساحات أمنية واقتصادية عملية. يبرز مشروع رؤية السعودية 2030 بوصفه قاعدة لتعميق الشراكات الدفاعية، حيث تسعى المملكة إلى توطين نصف إنفاقها العسكري وإلزام الشركات الأجنبية بإقامة شراكات محلية أو مكاتب داخل البلاد. يدفع ذلك شركات أميركية إلى اتجاه الإنتاج المشترك ونقل المعرفة، بما يعزّز قابلية أي اتفاق دفاعي للاستدامة.
في المقابل، يزعم النص أن تجاهل مطلب حل الدولتين يقوّض فرص التقارب، إذ تشدّد الرياض على اعتراف فلسطيني رسمي ودائم بالدولة كشرط لأي تطبيع.
الأمن أولاً وإعادة الإعمار
يعرض الكاتب القراءة الإسرائيلية التي تقدّم هواجس الأمن على كل اعتبار، مع تذكير برفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لفكرة الدولة الفلسطينية بوصفها تهديدًا لسلامة إسرائيل. رغم ذلك، يطرح النص رؤية توفيقية تربط الأمن بإعادة إعمار غزة وتحسين شروط الحياة فيها، بوصفها أدوات تخفّض مخاطر التطرف وتقطع دوائر العنف. يؤكد التحليل ضرورة صياغة ترتيبات تجمع بين إعادة البناء والتعاون الأمني لمنع تهريب السلاح واستغلال الجماعات المتشددة، مع الحفاظ على رقابة مدنية فعالة وضمان وصول المساعدات بلا عوائق.
التحالفات ودور السعودية
يسلّط المقال الضوء على أوراق قوة السعودية: ثقل اقتصادي يتجلى في صفقات استثمارية ضخمة، ومشروعية عربية تعززها شراكات مع فرنسا لدفع حل الدولتين، وعلاقة استراتيجية مع الولايات المتحدة تتيح ضمانات أمنية وتمويلًا لإعادة الإعمار. يوضح الكاتب أن انخراط الرياض قادر على توسيع قاعدة المانحين وجذب استثمارات خاصة وجعل حوافز سياسية واقتصادية أكثر قبولًا دوليًا. ويشير إلى مؤشرات صادرة عن الرياض بدعم مساعي نزع سلاح حماس وتعزيز دور السلطة الفلسطينية، مع التفكير في نشر مهمة حفظ سلام دولية في غزة لدعم الاستقرار.
يدعي المقال أن نجاح أي تقارب سعودي–إسرائيلي يقاس بمدى انعكاسه على حياة الفلسطينيين عبر استقرار ملموس وحوكمة فعالة وإعمار يُعيد لغزة قابليتها للحياة. يدعو الكاتب إلى هيكلة الانفتاح الدبلوماسي بحيث يترجم إلى نتائج عملية، معتبرًا ذلك اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشرق الأوسط على تحويل تعاون أمني إلى مصالحة إقليمية مستدامة.
وفي الخلاصة، يقدّم خيارًا واضحًا: إمّا اصطفاف يرعى أمنًا مشتركًا وإعمارًا مسؤولًا، وإمّا إعادة إنتاج توترات تغذّيها حلول شكلية تفتقر إلى العمق السياسي والإنساني.
https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/peace-pacts-and-recognition-saudi-arabia-at-the-forefront-of-a-new-middle-east/

